نرحب بكم في اللقاء اﻷممي اﻟ20 للاحزاب الشيوعية و العمالية، هنا في أثينا، في المدينة حيث بدأت اللقاءات اﻷممية منذ 20 عاما، بمبادرة من حزبنا.
نحن أمامكم اليوم، و نختتم قرناً من الحياة والعمل. و نشعر بفخر مبرر أمام اﻟ100 عام المكرمة و البطولية للحزب الشيوعي اليوناني.
و ذلك لكوننا نواصل بزخم و عزم على خطى قتلى حزبنا المكرمين اﻷبطال الذين منحوا أثمن خيرات اﻹنسان، أي حياتهم، في النضال من أجل انتصار الحياة.
لقد صمد الحزب بنحو بطولي خلال جميع منعطفات الصراع الطبقي.
وخلال السنوات الحجرية و العمل السري والملاحقات والإعدامات والسجن والاضطهاد، كما و خلال السنوات الشرعية البرجوازية في ال 44 عاما الماضية.
و صمد منتصب القامة في اﻹنتكاسة التاريخية الكبيرة للثورة المضادة عام 1991، حتى الآن. و وجد القدرة على رفع هامته.
و تسلق خطوة خطوة مسار الصعود خلال إعادة بنائه.
متتبعاً للأسباب التي أدت إلى انتصار الثورة المضادة، مع دراسة ومناقشة أولى إشكالياتها عام 1996، حتى التمظهر الجماعي لهذا المحاولة في المؤتمر ال18 حول الأسباب الإجمالية لإسقاط مسار بناء الاشتراكية في القرن ال20، و بنحو أساسي على أساس تجربة الاتحاد السوفييتي.
مع دراسة وثائق الحزب و ارشيفه التاريخي، صفحة صفحة لنؤلف هذا المسار العظيم مع انتصاراته وهزائمه، و قفزاته و انتكاساته وأخطائه و اوجه الضعف فيه، كما و البطولة التي لا تضاهى على كامل أعوامه ال100.
الرفيقات و الرفاق،
على الرغم من تَغنِّي الانتهازية و زعيقها عن نهاية التاريخ، و عن نهاية الطبقة العاملة وحركتها، فإن الحياة تدحضها.
إن الطبقة العاملة ستستجيب عاجلاً أم آجلاً، مع دورها و واجبها التاريخيين. في القضاء النهائي على استغلال الإنسان للإنسان وبناء المجتمع الاشتراكي الشيوعي.
و ذلك لكونها تمتلك القوة المتعلقة بالإنتاج الصناعي الممركز. و من هذه الواقعة تنبثق فضائلها، كروح الجماعية والانضباط الواعي، و التحمل الذي لا مثيل له في الصعوبات، هي فضائل اختبرت في نضالات طبقية كبيرة.
إن كومونة باريس وثورة أكتوبر هي أمثلة مضيئة تلهم نضالنا. مثلها مِثل أمثلة آلاف العمال والعاملات في بلادنا الذين بذلوا حياتهم، و تصدروا النضال و تحملوا العديد من الصعوبات التي لا تحصى في هذه اﻷعوام ال100 و حتى يومنا هذا.
مع معارك تركت أثرها الذي لا يمحى على جسد الحركة العمالية اليونانية، في مسار الصراع الطبقي.
و عِبرٍ إيجابية ونقاط ضعف بالتأكيد، و التي ينبغي علينا دراستها، من زاوية الطليعة العمالية وتطور الصراع الطبقي القاسي.
إن الطبقة العاملة لا تظفر بهذا الموقع بنحو عفوي، بل عبر النظرية و الممارسة الثوريين للحزب الشيوعي، أي لطليعتها الواعية و المنظمة.
الرفيقات و الرفاق،
إن وجود برنامج ثوري، والايمان بنظرية الماركسية - اللينينية الكونية وبالأممية البروليتارية، و مبادئ تشكيل الحزب من الطراز الجديد، و الدراسة المعالجة لتجربتنا التاريخية، تشكل بلا شك أسلحة معاصرة، و تمنحنا التفوق، ولكن القضية هي في كيفية استخدامها بنحو خلاق و صائب في عملنا و محاولتنا يومياً.
إن تقدير قيمة النضالات العمالية للمطالب المباشرة ودور الحزب فيها، لا يكفي. حيث يتمثل معيار تقييمها فيما إذا كانت تساعد على تقدُّم الوعي السياسي. إن معيار التقدم هو تطوير بناء الحزاب في مواقع العمل، والتركيبة الاجتماعية لصفوف الحزب والتركيبة العمرية ومشاركة المرأة فيه. إن المعيار هو في التقدم الثابت في ارتفاع المنسوب النظري والسياسي والتنظيمي للحزب، و أيضاً، في تحسين القدرة على التوجيه والإرشاد و اﻹرتباط بالطبقة العاملة، اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى المنظمات القاعدية الحزبية.
حيث لا ينبغي أن تشغلنا المهام اليومية المعقدة، عن القيام بأعمال تشييد بنية تحتية، لكي يكون الحزب على استعداد، و ألا يُفاجئ في المنحنيات والمنعطفات الحادة، لكي يمتلك دائما إمكانية التنبؤ الناجز والتكيف دون أن يفقد هدفه الرئيسي.
ومن المستحيل رصد كامل مسار عملنا، و أن نحكم بنحو متطلب، و أن نرى الأخطاء و أوجه السهو و نصححها بنحو ناجز، إذا لم نكن قد امتلكنا و بنحو فردي قدرة الحكم على العامل الذاتي، مع احتساب الظروف الموضوعية المحددة والشروط المتواجدة بشكل مستقل عن إرادتنا و رغبتنا و عن تدخلنا.
إن الخبرة اليونانية و العالمية تؤكد، أنه باستثناء البلدان التي نشأت فيها ظروف حالة ثورية وانتزعت فيها الطبقة العاملة السلطة -و احتفظت بها قدر احتفاظها- فقد كان التأثير الايديولوجي السياسي و قوة الحزب، غبر متماثلين مقارنة مع نشاط الحزب الطليعي في النضال و مع اتساقه ونكرانه الذات وعطائه المتمثل بتضحيات لا تعد ولا تحصى، و مع واقعة تأكيد كافة تنبؤاته و تحذيراته نحو الشعب.
إن ذلك ليس غريباً. فالطبقة العاملة تصوغ مقدمات تبوء ايديولوجيا الاشتراكية موقع السيطرة، حصراً حين امتلاك الطبقة للسلطة و ضمن مسار و مقدار تقدم البناء الاشتراكي.
إن هذا لا يعني أن الحزب الشيوعي اليوناني، ينظر بشكل سلبي لمسؤوليته الخاصة للمساهمة في تطوير الوعي السياسي للطبقة العاملة. و أمر آخر هي مطلبية أن يحارب الحزب بأكثر نحو ممكن ناجز من أوجه ضعفه وقصوره، الخاصة، و أمر آخر هو امتلاكه لوهم قائل بإمكانية سيطرة الوعي الاشتراكي في ظروف الرأسمالية. إن تطلُّب الحزب من ذاته، والفحص النقدي والنقدي الذاتي لنتائج نشاطه، لا يمكن أن يقوم وفق ذات معايير و زاوية الأحزاب البرجوازية، والأحزاب التي قبلت بالكفاح ضمن حدود النظام الرأسمالي أو من زاوية تلك التي تبث في صفوف الجماهير إصلاح الرأسمالية لاشتراكية.
إن ما هو ذو أهمية هائلة للحزب الشيوعي اليوناني، هو مقدار توسُّع وتعمُّق روابط الحزب مع التركيز على المصانع والمراكز الحضرية الكبيرة، في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية.
إننا نحن نرفض التوصيفات والتلفيقات الأيديولوجية، التي تحجب الجوهر الطبقي، تحجب الخط الفاصل بين الطبقتين الرئيسيتين، بين الطبقة البرجوازية و العاملة.
إن الحزب الشيوعي اليوناني يكافح من أجل اتخاذ الصراع الطبقي منحى إسقاط اللنظام الرأسمالي، و في هذا المنحى يسعى إلى ربط كفاح جميع قطاعات الطبقة العاملة كما و الشرائح الوسطى الشعبية، من أجل تحسين ظروف عملها و معيشتها.
إن غرض محاولتنا اليومية هو إبراز اللطبقة العاملة العملي، كطليعة ثورية، لا كطليعة بنحو ضيق في النضالات النقابية الشعبية، لكي تنزع بأكبر نحو ممكن قطاعات شعبية من الشرائح الوسطى نحو العمل المشترك والتحالف مع الطبقة العاملة من أجل التعبير عن التحالف الاجتماعي وفق أكبر شروط جماهيرية ممكنة.
إننا ندرك أن الحركة العمالية وحلفائها في أوروبا واليونان هي في مرحلة تراجع نسبي، و إحباط و جمود نسبي، على الرغم من التمظهر المتكرر للأزمة الاقتصادية.
إن نزعة فقدان المَعلم الجماهيري و تشويه التوجه الطبقي، كانت قد تشكلت منذ أعوام عديدة، قبل إعادة تنصيب الرأسمالية في الاتحاد السوفييتي و بلدان البناء الاشتراكي أخرى، و يعود ذلك بنحو رئيسي إلى الإدارة الاشتراكية الديمقراطية.
حيث شكلت الشيوعية الأوروبية قناة رئيسية تمكنت من خلالها الرأسمالية الأوروبية الغربية، عبر يدها اليمنى المتمثلة بالاشتراكية الديمقراطية، من توجيه ضربات خطيرة نحو الحركة النقابية العمالية مما أدى إلى انحسارها التدريجي، وصولاً حتى انحطاطها. لقد جرت نضالات، و لكنها لم تكن قادرة على تحويل ميزان القوى إيجابياً، بل حدث نقيض ذلك، على المستوى الأوروبي.
و في اليونان "تعِب" و تشائم جزء هام من العمال والعاملات، والجماهير الشعبية، لأن النضالات النقابية لم تجلب أي نتائج فورية.
و يحتفظ قطاع آخر بموقف انتظار، عبثا بالطبع، بأن نهاية ستوضع في لحظة ما للتدابير الهمجية، على أمل بإمكانية قيام تغيير ما من اﻷعلى.
و يهيمن موقف المطالب المنخفضة. حيث "تتكالب" هذه القيود حول العامل، و الموظف، و فقراء المزارعين، منذ الخطوات الأولى لحياتهم، وهي تتعزز بنحو أكيد في مواقع العمل، في حين أعِدَّ الوعي سلفاً، لاعتبار الرأسمالي على أنه هو الذي يعطي العمل و الذي يوزع الإيرادات.
و في الخوف والوهم، واللامبالاة والإحباط، يتمظهر عدم فهم علاقة الاقتصاد بالسياسة و السمة الطبقية للأحزاب. يتمظهر الجهل أو المعرفة المنقوصة عن ماهية و كيفية عمل النظام الرأسمالي، و عن الدور الثوري للطبقة العاملة. و تتمظهر الأوهام البرلمانية الراسخة. حيث بالتأكيد هناك مسؤوليات تتحملها الحركة الشيوعية الأممية، و أيضاً يتحملها حزبنا في عدم التمكن بنحو ناجز و تاريخي من الفكاك من شبكة الاحتواء البرجوازي في مشاركة أو تأييد أغلبيات برجوازية برلمانية و حكومات.
حيث لا يكفي قيام العمل الأيديولوجي والتنوير، في المناسبات الوقتية في شكل تكرار الشعارات العامة ومواقف الاستراتيجية الثورية، دون حيوية و كفاحية، دون إثراء هذا العمل من خلال التطورات الجارية.
إن عرض مواقفنا بصيغة مُسلَّمة أو نقد عام للأحزاب الأخرى كدرس من موقع المعلِّم، لا يجذب لأنه يقع فوق أرضية حيث تتحرك كل الأحزاب الأخرى في اتجاه واحد، بينما نسير نحن نحو طريق مختلف تماماً يتطلب التزاماً طوعياً وعطاءاً و تضحيات، في فترة انتصار الثورة المضادة في البلدان الاشتراكية.
أن كل شيء يبدو كأنه ضدنا، في حين يقدم مسار الرأسمالية اليوم، المزيد من الأدلة على ضرورة سعي الحزب الشيوعي اليوناني الاستراتيجي من أجل الاشتراكية، وأظهر التاريخ مدى ضرورية تصحيح أخطاء الماضي ليس فقط في استراتيجية الحزب الشيوعي بل على المستوى اﻷممي.
إن معالجة الاستراتيجية يتطلب وحدة النظرية والممارسة. ومع ذلك ، فإن تحول هذه الاستراتيجية إلى قضية الطليعة الشيوعية، و إلى دليل عمل وتطويرٍ لجماهير عمالية شعبية أوسع، ليس بالعمل السهل.
إن حقيقة تمكننا من تجاوز رمضاء البرجوازية و نار الإصلاحية والانتهازية، وحفاظنا على حزبنا منتصب القامة مع عمل مستمر و حضور يومي في النضالات و التطورات السياسية، لا يرضينا اليوم حيث معقدة و مركبة للغاية هي ظروف و متطلبات النشاط.
لقد سببت معالجتنا البرنامجية و موقفنا السياسي بصورة خاصة، تمظهر هجمة منهجية على الحزب، ليس فقط من جانب الخصم الطبقي بل وأيضاً من جانب الانتهازية. إنها هجمة خبيثة و مدروسة، بينما ليس بإمكان حواملها استخدام ذات الحجج الفجة الاستفزازية التي استخدمت في فترة 1990-91، حينما اعتقدوا أن انتصار الثورة المضادة كانت فرصة ذهبية ل"التخلص من" الحركة الشيوعية و الماركسية اللينينية أو للمحافظة على بعض الأفكار الماركسية خالية من طابعها الاشتراكي الثوري.
هذا و اختارت الانتهازية اعتباراً منذ عام 2012 فصاعداً، مواجهتنا بسلاح رئيسي متمثل بالتضايق والقلق تجاه نتيجة الانتخابات السلبية والصعود المفاجئ لسيريزا . عبر خط أمل زائف يقول بشكل أساسي بمقدرة سيريزا على فرملة الهجمة المناهضة للشعب، و حاولت استدراج الحزب الشيوعي اليوناني نحو خط سياسة التحالف الحكومي، والإصلاحات و الخروج المزعوم من منطقة اليورو، عبر حكومة قوى سياسية "يسارية" مزعومة. و ألقت باللوم على الحزب و نظامه الداخلي في عدم وجود مثل هذه الانتقال و اﻹلتفاف، في وقت كان الحزب قد سجل بالفعل خسائر انتخابية ذات سمة إيديولوجية سياسية. حيث أبرزت الانتهازية أن مثل هذا الاختيار هو مفروض نظراً لميزان القوى السلبي، و أن من شأنه أن يغدو نقطة انطلاق لتغيير هذا الميزان، متهمة الحزب الشيوعي اليوناني بعدم امتلاكه للتكتيك. و بالتأكيد في ذلك الوقت، لم تكن قد تكشفت بنحو كامل، علاقات سيريزا الوطيدة مع المراكز الإمبريالية.
و بالتاكيد، تملك الانتهازية قاعدة اجتماعية، وتشكيل أرستقراطية عمالية واسعة، ونظرا لتوسع الشركات المملوكة للدولة، وتوسيع العلماء العاملين والفنانين والمعلمين والعاملين في مجال الإعلام، وما إلى ذلك، تصوغ هذه القاعدة اتجاها توافقياً مع العدو الطبقي مع والبحث عن حلول سياسية داخل النظام، كما و تصوغ الانتهازية داخل الحركة العمالية نفسها و في حزب الطبقة العاملة. لذا فإن الصراع ضد الانتهازية هو مقدمة للحفاظ على الطابع العمالي الثوري للحزب، في كل فترات و مراحل الصراع الطبقي و موازين القوى.
و على هذا الصراع و اتساقه الإيديولوجي-السياسي و قدرته، و على اتساقه التنظيمي ، يعتمد عدم نزع السمات الشيوعية عن الأحزاب الشيوعية.
لقد أظهرت التجربة في أوروبا الرأسمالية، وأمريكا اللاتينية، أنه عندما يقرر حزب شيوعي المشاركة في الإدارة الحكومية في اسم خيار انتقالي، فإن هذا الحزب قد قام بتقييد يديه سلفاً، و ذلك، حتى في حال عدم التزامه عبر اتفاق رسمي أو حال إعلانه المحافظة على استقلاليته الذاتية. ما من ضمان تقدمه التزامات مكتوبة أو غير مكتوبة. إن قوانين السوق الرأسمالية لا تتبع الاتفاقات السياسية. هناك تجربة سلبية من مشاركة الحزب في الحكومات البرجوازية في عامي 1944 و 1989.
و إذا لم نتكتسب القدرة على التفكير و الحكم وفق محور العلاقة بين الاقتصاد والسياسة بصدد كل مشكلة اجتماعية، وكل ظاهرة اقتصادية وسياسية، كمثال ظهور فضيحة او حزب جديد، وما إلى ذلك، فحينها سيجري التمييز بين المشكلة و بين ضرورة الصراع ضد الرأسمالية و هو ما ليس مفهوماً بنحو مبرَّر، من قبل قطاع كبير من الطبقة العاملة اليوم.
إن المعيار الأساسي لموقع القوى الاجتماعية المتناحرة، متواجد في تفاقم التناقض الرئيسي في الرأسمالية: حيث هناك من جهة اكتساب للانتاج و العمل طابعاً اجتماعياً، حيث اﻹنسان هو أهم قوة منتجة، و من جهة أخرى، هناك اﻹستملاك الفردي للمنتَج فوق قاعدة الملكية الفردية لوسائل الإنتاج. إن هذا التناقض هو الرحم الذي يلد كل تناقضات وتناحرات النظام، و بالتالي فهو المحور الذي سيحدد برنامج الحزب.
و بالتاكيد ، لا يُعى تناقض النظام الرأسمالي هذا، من قبل الطبقة العاملة ككل. بل على العكس فهي تتبني أيديولوجيا البرجوازية، القائلة أن أسلوب الانتاج الرأسمالي و منظومة المجتمع ككل هي متفوقة من الناحية التاريخية، وبالتالي لا يمكن الاستعاضة عنها.
إن ذلك هو جانب من السلطة الرأسمالية، و هو الذي لا يجري فرضه فقط عبر عنف أرباب العمل والدولة، بل أيضا عبر التلاعب الايديولوجي والسياسي (التعليم والإعلام، والكنيسة، وآليات الأحزاب البرجوازية، آليات الدولة المتواصلة مع الجماهير، كالإدارة المحلية، و أيضاً عبر المنظمات النقابية المندمجة في النظام (كمثال كونفراليتي عمال و موظفي القطاع العام و الخاص). هذا و ينعكس التلاعب الأيديولوجي في وعي الطبقة العاملة السياسي المشوه، و في التصاقها السياسي بأحزاب برجوازية أو بأحزاب قادمة من صفوفها ولكنها تحولت لأحزاب برجوازية ضمن المسار.
وهكذا، فإن ميزان القوى السياسي يعكس دائما هيمنة الطبقة البرجوازية، و يعكسها في هيئات السلطة- من ضمنها أيضاً البرلمان- يحدد الإجراءات مثل الانتخابات لإبراز هيئاته.
إن التغيير الحقيقي في ميزان القوى، يعني أن قطاعاً هاماً من الطبقة العاملة و بسبب ضعف السلطة البرجوازية، قد أقدم على كَسر أصفاد التلاعب الايديولوجي البرجوازي.
إن الحكم على مسألة موازين القوى يجري أيضاً من مسار نضوج الوعي السياسي للطبقة العاملة في ظروف غير ثورية، على الأقل بالنسبة للحزب الشيوعي، ولكن أيضا من الالتفاف الشعبي العمالي حوله و الذي لا يتوقف عن الكشف عن الحقائق و عن الصدام مع رأس المال و الاحتكارات والنظام السياسي البرجوازي والتشريعات و البنى القضائية و القمعية، و مع الرؤى التربوية والدينية والأخلاقية السائدة و مع اﻹتحادات الامبريالية الدولية، مع الاتحاد الأوروبي و منظمة حلف شمال الأطلسي.
و من غير الممكن قيام فحص مُتطلِّب ناقد و ناقد ذاتي لأداء و مسار نجاعة العامل الذاتي، أي لحزبنا، بمعزل عن توازن القوى الدولي للصراع الطبقي الذي أخذ منعطفاً مأساوياً سلبيا مع انتصار الثورة المضادة في بلدان البناء الاشتراكي. وبالتأكيد، فإن الصدوع المتمظهرة في هيمنة الرأسمالية عبر الأزمات والحروب والمزاحمات، هي في تمركز و تصوغ منظور ظروف جديدة، و هو الذي يستطلب جهوزية الحركة الشيوعية.
و لا يعتمد تقدم الصراع الطبقي الذي هو القوة الدافعة للتطورات الإيجابية، لا على حيلة ولا على تكتيكات، و لا